اثبات – الطرد واقعة مادية يمكن إثباتها بجميع الوسائل بما فيها شهادة الشهود – اعتماد المحكمة على شهادة شاهد مثبتة لمنع الأجير من التحاق بالعمل للقول بوجود طرد تعسفي – تعليل سليم
القرار عدد 1313
الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2011
في الملف الاجتماعي عدد 853/5/1/2010
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه عدد 828 الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 26/09/2009 في الملف عدد 36/25/2008 أن المطلوب في النقض مصطفى الحيمر تقدم بمقال لابتدائية الدار البيضاء عرض فيه بأنه اشتغل لدى شركة نجمة بلاستيك منذ 01/10/1997 إلى أن تم طرده بصفة تعسفية بتاريخ 13/11/2006 وانه كان يتقاضى أجرة شهرية قدرها 2.210 درهم، مطالبا الحكم له بالتعويضات المفصلة في مقاله، وبعد جواب المدعى عليها والأمر بإجراء بحث وانتهاء الإجراءات المسطرية وتعذر إجراء الصلح، صدر الحكم القاضي على المدعى عليها شركة نجمة بلاستيك بأدائها لفائدة السيد مصطفى الحيمر التعويضات التالية:
– عن الإشعار مبلغ: 594،72 درهم في حدود الطلب.
– عن الإعفاء مبلغ: 12.218،63 درهم.
– عن العطلة السنوية مبلغ: 1.402،50 درهم.
مع تسليمه شهادة العمل تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 100 درهم عن كل يوم تأخير وبرد باقي الطلبات، استأنفته الطاعنة شركة نجمة بلاستيك استئنافا اصليا كما استأنفه المطلوب في النقض مصطفى الحيمر استئنافا فرعيا فألغته محكمة الاستئناف فيما قضى به من رفض طلب الأقدمية والحكم من جديد لفائدة الأجير بمبلغ 17.238 درهم عنها وتأييده فيما عدا ذلك برفع التعويض عن الاخطار إلى مبلغ 4.400 درهم والضرر إلى مبلغ 33.150 درهم وهو القرار المطعون فيه بالنقض.
في شأن الوسيلة الأولى المستدل بها للنقض:
تعيب الطاعنة على القرار خرق الفصل 345 من ق.م.م وعدم التعليل باعتبار أنه تطبيقا لهذا الفصل يجب أن تكون القرارات معللة وأن انعدام التعليل أو عدم كفايته أو كونه مبهما ومجملا يجعلها ناقصة التعليل الذي يوازي انعدامه وبالتالي تكون معرضة للنقض، وأنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه نجد التعليل الذي أتى به غامضا ومبهما وغير كاف، فقد جاء فيه ما يلي: » لكن حيث إن المحكمة بعد اطلاعها على وثائق الملف وتصريحات الطرفين وخاصة الشاهد رضوان فتوي الذي عاين واقعة الطرد ومنع المشغلة الأجير من العمل، أن هذه الواقعة ثابتة في حق العارضة بشهادة الشاهد …. » وأنه من خلال هذا التعليل لم يبين القرار المطعون فيه الوثائق التي تم الاستناد إليها حتى يقرر ثبوت واقعة الطرد في حق العارضة كما أنه لم يتعرض إلى الشاهد الذي صرح بأنه لم يشاهد الأجير صحبة الشاهد.
أضف إلى ذلك أن القرار لم يناقش العقوبة التأديبية التي تعرض لها الأجير والتي تدخل في إطار سلطة صاحب الشركة للحفاظ على النظام الداخلي وضوابط العمل والتي يجب على الأجراء أن يحترموها وهذه السلطة خولها المشرع لصاحب الشركة، خاصة وان الأجير تعود على التغيب عن العمل بدون مبرر، الأمر الذي حدا بالعارضة إلى اتخاذ عقوبة التوقيف في حقه لمدة 8 أيام، لكنه بعد انتهاء مدة العقوبة التأديبية لم يلتحق بعمله، كما أنه رفض العرض الذي قدمته له العارضة قصد الالتحاق بالعمل أمام مفتش الشغل، وأنه انطلاقا من مقتضيات المادة 345 من ق.م.م فإن كل قرار يجب أن يتضمن الأسباب التي تبرره وأن يجيب عن الطعون المقدمة في مستنتجات صحيحة ولهذا يتعرض للنقض الحكم الذي لم يتعرض للدفوع المثارة بصفة قانونية، وأن القرار المطعون فيه لم يجب عن الدفوع التي أثارتها الطاعنة، الأمر الذي يشكل إخلالا بحقوق الدفاع ونقصانا في التعليل، مما يترتب عنه نقض القرار من هذه الناحية.
لكن، حيث إنه ومن جهة أولى، فإن الطرد يبقى واقعة مادية يمكن إثباتها بجميع الوسائل بما فيها شهادة الشهود، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه عللته بقولها: » إن المحكمة بعد اطلاعها على وثائق الملف وتصريحات الطرفين خاصة شهادة الشاهد رضوان، عدم صدق ما عابته المشغلة، ذلك أن واقعة الطرد ومنع الأجير من الالتحاق بعمله ثابتة بموجب شهادة الشاهد الذي لم تستطع المشغلة إثبات العداوة بينها وبينه، الشيء الذي يبقى معه الطعن المقدم من طرفها غير مرتكز على أساس ويتعين تبعا لذلك الحكم برده « ، وهي بتعليلها المذكور، تكون قد بينت بما فيه الكفاية ما اعتمدت عليه للقول بوجود طرد تعسفي، مستندة في ذلك لشهادة الشاهد، ويبقى ما بالفرع من الوسيلة خلاف الواقع غير مقبول.
كما أنه من جهة ثانية، فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه، بما لها من سلطة تقدير وتقييم الحجج والتي لا رقابة عليها من طرف المجلس الأعلى إلا فيما يخص التعليل، عللت ما اعتمدت عليه تعليلا سليما، ولم تكن بحاجة لمناقشة العقوبة التأديبية التي تعرض لها الأجير طالما أن الطاعنة لم تثبت توصله برسالة التوقيف التي لم تحدد تاريخ بداية هذا التوقيف ولا تاريخ جواب وجوب الالتحاق بالعمل بعده.
كما أن المحكمة اعتمدت على تصريحات الشهود الذين عاينوا منع الطاعنة للمطلوب للالتحاق بعمله، فجاء قرارها معللا بما يكفي، مجيبا على جميع الدفوع ولم يخرق أي مقتضى والوسيلة على غير أساس.
في شأن الوسيلة الثانية المستدل بها للنقض:
تعيب الطاعنة على القرار خرق المادة 76 من ق.م.م والفصل 83 من ظهير 10/09/1993 باعتبار أن هذه المادة تنص على أنه: » على الشاهد قبل الإدلاء بشهادته، عليه أن يدلي باسمه العائلي والشخصي وحرفته وسنه وموطنه وإما إذا كان قريبا أو صهرا للأطراف أو خادما أو عاملا عند أحدهم » وأنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي تم تأييده بمقتضى القرار المطعون فيه بالنقض سنلاحظ أنه لا يتضمن هذه المقتضيات القانونية المنصوص عليها في المادة 76 من ق.م.م.، فالشاهد الذي اعتمد عليه الحكم الابتدائي والقرار الاستئنافي في إثباته واقعة الطرد والمسمى رضوان فتوي كان عاملا سابقا لدى العارضة وسبق أن كان له نزاع معها وهذا ما يثبت من تصريحاته في جلسة البحث وهذه قرينة على أن شهادته ضد العارضة لن تكون نزيهة أضف إلى ذلك أن القرار والحكم الابتدائي لا يتسمن أي منهما مهنته وحرفته وسوابقه وهل له علاقة بأحد الأطراف، وان القرار المطعون فيه خرق أيضا المادة 83 من ظهير 10/09/1993، إذ نجده غير مرفق بالمحضر الذي يتضمن أقوال الشهود حسبما وجب ذلك الفصل 83 المذكور أعلاه، إذ يجب أن يرفق المحضر المتضمن لأقوال الشهود مع أصل الحكم موقع من طرف القاضي المقرر أو رئيس الجلسة، وأن القرار المطعون فيه لم يحترم هذه المقتضيات القانونية اللازمة لمسطرة الاستماع إلى الشهود ورتب عنها آثارا قانونية تمثلت في إثبات واقعة الطرد في حق العارضة يكون بذلك مآله النقض من هذه الوجهة.
لكن، حيث إن ما عابته الطاعنة على القرار بخصوص عدم تضمينه المقتضيات القانونية المنصوص عليها في المادة 76 من ق.م.م خلاف الواقع، ذلك أن محضر البحث تضمن هوية الشاهد بذكر اسمه الكامل ورقم بطاقته الوطنية وأنه أدى اليمين القانونية ونفى موانع الشهادة وصرح بأنه رافق المطلوب إلى الشركة التي منعت هذا الأخير من الالتحاق بعمله، وذلك كاف للقول باحترام القرار المطعون فيه لمقتضيات الفصل المحتج بخرقه، كما انه لا يوجد ضمن المقتضيات القانونية ما يلزم المحكمة بإرفاق محضر البحث الذي يتضمن اقوال الشهود مع أصل الحكم وبالتالي لم يخرق القرار المطعون فيه أي مقتضى والوسيلة على غير أساس، ما عدا ماهو خلاف الواقع غير مقبول.
لهــذه الأسبــــــاب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب.
Retour