عقد الشغل – إثبات – علاقة التبعية – المدعي له صفة مدير شركة مساهمة
القرار عدد 775
الصادر بتاريخ 02 يونيو 2011
في الملف الاجتماعي عدد 1524/5/1/2009
مادام المدعي قد عين مديرا عاما لشركة المساهمة فإن عزله يخضع للقانون المتعلق بشركات المساهمة، الذي يجيز لمجلس الإدارة عزله في أي وقت، ودون أن يستلزم حصوله على تعويض، وإن طبيعة عمله كمدير عام تقتضي أن يمارس مهامه باستقلال تام بشكل تنتفي معه علاقة التبعية بينة وبين مجلس الإدارة، هذه العلاقة التي تعتبر عنصرا أساسيا في عقد الشغل، الأمر الذي يجعل من عمله يطغى عليه عمل الوكيل على عمل الأجير، وإن استدلاله بورقة أداء تحدد مبلغا يتقاضاه من الشركة لا يجعل منه أجرا، وإنما يدخل في إطار المكافأة التي يمنحها له المجلس الإداري، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي اعتبرت المسير وكيلا وليس أجيرا، بعدما تأكد لها أنه لم يشغل منصب أجير يقوم بعمل فعلي قبل أن يعين في منصب مدير عام، تكون قد بنت قرارها على أساس قانوني سليم.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، ومن القرار المطعون فيه عدد 3897 الصادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 17/06/2009 في الملف الاجتماعي عدد 983/2007 أن الطاعن، تقدم بمقال لابتدائية الدار البيضاء، عرض فيه بأنه شرع في العمل لدى المطلوبة، شركة ا ب س أوطيل بروبرتيز ليميتيد المغرب منذ مارس 2001، كمسير منتدب ومدير عام، إلى غاية 04/12/2003، حيث تم طرده بصفة تعسفية، وأنه كان يتقاضى أجرة قدرها 100.000 درهم، مطالبا الحكم له بالتعويضات المفصلة في مقاله، وبعد تخلف الطاعنة وعدم جوابها، وانتهاء الإجراءات المسطرية وتعذر إجراء الصلح، صدر الحكم القاضي على المدعى عليها بأدائها له التعويضات التالية: عن الضرر: 300.000 درهما، وعن مهلة الاخطار: 300.000 درهما، وعن الاعفاء: 69.230 درهم، و عن العطلة السنوية: 10.000 درهم، وعن باقي الأجرة: 700.000 درهم.
استأنفته المطلوبة شركة ا.ب.س أوطيل بروبرتيز ليميتيد المغرب استئنافا أصليا، كما استأنفه الطاعن استئنافا فرعيا، وبعد تبادل المذكرات وإجراء بحث والتعقيب عليه، ألغته محكمة الاستئناف فيما قضى به من تعويض عن الاشعار والاعفاء والطرد التعسفي والعطلة والأجرة والحكم من جديد بعدم قبول الدعوى، وهو القرار المطعون فيه بالنقض.
في شأن الوسيلة الأولى المستدل بها للنقض:
يعيب الطاعن على القرار خرق قواعد مسطرية، بخرق مقتضيات الفصل 342 و 345 من قانون المسطرة المدنية باعتبار أنه يتضح من مقتضيات الفصل 342 من قانون المسطرة المدنية، كما تم تعديله بمقتضى الظهير رقم 1/93/2006، أنه كلما تم إجراء تحقيق في القضية إلا ويتعين على المستشار المقرر أن يحرر تقريرا مكتوبا، وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه أجرت تحقيقا يتمثل في البحث الذي أمرت به بمقتضى قرارها التمهيدي المؤرخ في 05/03/2008، وأنه بالرغم من ذلك فإن المستشار المقرر لم يقم بإعداد التقرير المنصوص عليه في الفصل 342 المذكور وأن الملف لا يتضمن هذا التقرير وأنه لا يكفي الإشارة في المطبوع المعد مسبقا لتقرير المستشار المقرر لتكون مقتضيات الفصل 342 قد تم احترامها،كما أن الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية يشترط إذا تم تحقيق الدعوى أن يصدر المقرر أمرا بتخليه عن الملف، وأنه في هذه النازلة وبعد انتهاء التحقيق لم يصدر المقرر القرار بالتخلي المنصوص عليه في الفصل المذكور.
لكن، حيث إنه من جهة، فإن القرار المطعون فيه، وثيقة رسمية، وهو لما أشار في وقائعه إلى تقرير المستشار المقرر، والذي لم تقع تلاوة بإعفاء من الرئيس وعدم معارضة الطرفين، فإن ذلك يفيد أن المستشار المقرر حرره وأن الهيئة راقبت وجوده، ومن جهة ثانية، فإن عدم إصدار أمر بالتخلي يبقى الباب مفتوحا أمام الطالبين للإدلاء بمستنتجاتهم الكتابية إلى حين إدراج الملف بالمداولة ولم يلحق الطالبين أي ضرر من ذلك، والوسيلة بدون أثر.
في شأن الوسيلة الثانية المستدل بها للنقض:
يعيب الطاعن على القرار خرق القانون بخرق مقتضيات المادتين 43 و 44 من القانون رقم 95/17 المتعلق بشركات المساهمة، باعتبار أن القرار المطعون فيه ذهب إلى القول: » أنه بالرجوع إلى مستندات الملف وكذا ماراج بجلسة البحث يتجلى بأن الأجير يشغل منصب مسير منتدب ومساهم بالشركة، وأنه وإن كان الأجير يتوصل بأجر مقابل تسييره الشركة بصفته مسيرا منتدبا ومساهما فيها بناء على انتداب مجلس الإدارة له، فإنه لا يعتبر أجيرا بمعناه الحقيقي وإنما هو تعويض له عن الوقت المخصص من طرفه لمصلحة الشركة وبالتالي تعاقده مع الشركة لا يدخل في إطار المفهوم القانوني لعلاقة الشغل ولا يستفيد من القواعد المنظمة للعلاقة الشغلية، وبالتالي فإن استبعاده من منصب مسير منتدب من طرف مجلس الإدارة لا يحتاج إلى إعطائه تنبيها أو إخطارا ولا يعتبر طردا تعسفيا ولا قانونيا « .
وأن تعليل المحكمة هذا أكد على صفة الطاعن كأجير وعلى توصله بأجر مقابل عمله، وبالرغم من ذلك توصل إلى نتيجة متناقضة للتعليل، كما أن المحكمة نفت عن الطاعن صفة أجير لمجرد أنه يشغل منصب مسير منتدب ولكونه مساهم، وإن هذا الموقف مناقض لمقتضيات المادتين 43 و 44 من القانون المتعلق بشركات المساهمة، وأنه خلافا لما ذهب إليه القرار المطعون فيه، فإن قانون شركات المساهمة لا يمنع من أن يكون الأجير متصرفا بالشركة، وأنه لا يمنع من الجمع بين صفة أجير وصفة مساهم، ولا تشترط المادة 43 منه وجود عقد عمل مكتوب وإنما تشترط أن يتعلق هذا العقد بمنصب فعلي ولا تضع هذه المادة سوى قيد واحد في هذا الشأن، وهو ألا يتجاوز عدد المتصرفين الأجراء ثلث أعضاء مجلس الإدارة، وبالتالي لما اعتبر القرار المطعون فيه أن الطاعن ليس أجيرا لا لشيء سوى لكونه يشغل منصب مسير منتدب ومساهم بالشركة، يكون قد خرق مقتضيات المادتين ومشوبا بعيب التعليل الموازي لانعدامه، مما يعرضه للنقض.
لكن، حيث إنه مادامت المطلوبة لها صفة شركة مجهولة الاسم، وهي من أنواع شركات المساهمة، واعتبارا لكون الطالب قد عين مديرا عاما للشركة المطلوبة وأن تعيينه وعزله يخضعان لمقتضيات المادة 63 من القانون رقم 95/17 المتعلق بشركات المساهمة الصادر بمقتضى ظهير 30/08/1996 التي تنص على أنه: » ينتخب مجلس الإدارة من بين أعضائه وفق النصاب والأغلبية رئيسا … يعين الرئيس لمدة لا يمكن أن تتجاوز مدة مأموريته كمتصرف ويمكن تمديد انتخابه.
يمكن لمجلـس الإدارة عزله في أي وقـت، وكل شرط مخالف يعد كأن لم يكـن، كما أن المادة 65 من نفـس القانون نصت على أنه: » يحدد المجلس مقدار مكافأة كل من الرئيس وكاتب المجلس وكيفية احتسابها وأدائها « ، واعتبارا لكون طبيعة عمل المدير تقتضي أن يمارس مهامه باستقلال تام بشكل تنتفي معه علاقة التبعية بينه وبين مجلس الإدارة هذه العلاقة التي تعتبر عنصرا أساسيا في عقد الشغل، الأمر الذي يجعل من عمله يطغى عليه عمل الوكيل على عمل الأجير، كما أن وجود ورقة أداء تحدد مبلغا يتقاضاه الطالب لا يجعل منه أجرا، وإنما يدخل في إطار المكافأة التي يمنحها له المجلس الإداري، ونظرا لكون قانون شركات المساهمة لا يعطي الحق للمدير العام في الحصول على تعويض في حالة عزله من قبل مجلس الإدارة، فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي اعتبرت الطالب وكيلا وليس أجيرا، بعدما تأكد لها أنه لم يثبت أنه كان يشغل منصب أجير يقوم بعمل فعلي قبل أن يعين في منصب مدير عام، تكون قد بنت قرارها على أساس قانوني سليم ولم يخرق قرارها أي مقتضى ويبقى ما بالوسيلة على غير أساس.
في شأن الوسيلة الثالثة المستدل بها للنقض:
يعيب الطاعن على قرار عدم الارتكاز على أساس قانوني وسوء التعليل الذي يقوم مقام انعدامه، باعتبار أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه أمرت بإجراء بحث في النازلة، لكنها لم تعر أي أهمية للنتائج التي أسفر عنها هذا البحث، ذلك أنه خلال جلسة البحث حضر السيد جمال الذي كان يشغل منصب المدير المالي والإداري للمطلوبة وأدلى بتصريحات بخصوص صفة الطاعن كأجير لدى المطلوبة، وبخصوص الأجرة التي كان يتقاضاها كما تم عرض شهادة العمل والأجر الصادرة عن المطلوبة، على الشاهد فأكد أنه هو محررها وموقعها، وأنه بصفته المدير الإداري والمالي للمطلوبة يقوم بتحرير وتوقيع شواهد العمل والأجر لكل أجراء الشركة الذين يطلبون هذه الوثيقة، وأنه يضمنها المعلومات الخاصة بكل أجير انطلاقا من ملفه الإداري، وأكد بأن المعلومات الواردة بالشهادة صحيحة، وبالتالي فإن صفة الطاعن كأجير تم إثباتها خلال البحث الذي أمرت به المحكمة في حين أن القرار المطعون فيه لم يرتب الأثر القانوني.
كما أن القرار المطعون فيه لم يناقش الوثائق الأخرى التي أدلى بها الطاعن لإثبات صفته، وخاصة شهادة الأجر الصادرة عن المطلوبة والمحررة باللغة الإنجليزية، غير تلك التي تم الطعن فيها من طرف المطلوبة، وأن هذه الوثيقة لم تكن محل أي طعن من طرف المطلوبة وهي تثبت بدورها صفة الطاعن كأجير لدى المطلوبة، وأن استبعاد مثل هذه الوثيقة دون أدنى مبرر يشكل انعداما للتعليل، كما أن القرار المطعون فيه اعتمد على محضر معاينة واستجواب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومصلحة الضرائب أدلت به المطلوبة، فجاء في حيثيات القرار المطعون فيه: فضلا عن ذلك فإن محضر معاينة واستجواب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكذا مصلحة الضرائب تفيد عدم التصريح به لديها بصفته أجيرا، وبالتالي، فالقرار المطعون فيه أخذ بهذه الوثيقة بالرغم من دفوعات الطاعن بشأنها والتي لم يرد عليها بالرغم من كونها مدعمة بحجج من نفس المرتبة، ذلك ان الطاعن أدلى بلائحة الأجراء مصرح بهم من طرف المطلوبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهي تتضمن اسم الطاعن كأجير، وأن المعاينة والاستجواب الذي أدلت به المطلوبة تم إنجازهما بناء على أرقام خاطئة، تتعلق برقمين للانخراط لا يتعلقان بالطاعن، وأنه التجأ إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والذي حرر إشهادا يوضح فيه التدليس الذي تعرض له من طرف المطلوبة، وأن الطاعن أدلى للمحكمة بهذا الإشهاد والذي يفيد تسجيله في لوائح هذا الصندوق في أوائل مارس 2001، كما أن المطلوبة استعملت نفس الأسلوب مع مصلحة الضرائب، وأن الطاعن فور علمه بالاستجواب الذي اعتمده القرار المطعون فيه بادر إلى إنجاز استجواب قضائي أدلى به لمحكمة الاستئناف وهو يثبت ان المطلوبة تصرح فعلا بأجور الطاعن وأن القرار المطعون فيه لم يناقش هذه الوثائق التي تدحض مزاعم المطلوبة، وبالتالي فالقرار الاستئنافي اعتمد وثائق ثبت عدم صحتها، مما يكون معه منعدم التعليل.
لكن، حيث إنه بخصوص الفرع الأول من الوسيلة، والمتعلق بشهادة الأجر التي عرضت على الشاهد جمال الذي أكد صحتها، فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه استبعدتها بقولها: » أشعر المستأنف الفرعي، أي الطالب، بالإدلاء بأصل وثيقة العمل حتى تتمكن المحكمة من اعمال مقتضيات الفصل 93 من قانون المسطرة المدنية، فلم يدل بأية شهادة، مما قررت معه استبعاد الوثيقة وعدم الاعتداد بها، وبالتالي صرف النظر عن مسطرة الزور الفرعي » وما جاء بالوسيلة حول عدم إعطاء أهمية للنتائج التي أسفر عنها البحث، خلاف الواقع، إذ أن المحكمة ناقشت الوثيقة واستبعدتها بعدما لم يدل الطاعن بأصلها للطعن فيها بالزور الفرعي من قبل المطلوبة، ويبقى بذلك الفرع من الوسيلة غير مقبول.
وبخصوص الفرع الثاني من الوسيلة، والمتعلق بعدم مناقشة شهادة الأجر الصادرة عن المطلوبة والمحررة باللغة الإنجليزية، فقد استبعدتها المحكمة ضمنيا لاعتمادها على شهادة استقت منها ما قضت به، في إطار سلطتها في تقييم الحجج، والتي لا رقابة عليها من المجلس الأعلى إلا فيما يخص التعليل، ويبقى ما بالفرع من الوسيلة على غير أساس.
أما بخصوص الفرع الأخير من الوسيلة، والمتعلق باعتماد المحكمة على محضر معاينة واستجواب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومصلحة الضرائب أدلت به المطلوبة، ولم يقارنها مع ما أدلى به الطاعن من لائحة الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي تتضمن اسمه كأجير وكذا المحضر الاستجوابي الذي أنجزه والذي يثبت أن المطلوبة تصرح فعلا بأجور الطاعن لإدارة الضرائب، فإن التسجيل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أو التصريح بما يمكن أن يتقاضاه الطاعن عن مهامه بالشركة لا يشكل قرينة على صفته كأجير، وماجاء بتعليل المحكمة يعتبر من قبيل التزيد يستقيم القرار بدونه، وبالتالي يبقى القرار مرتكزا على أساس، ومعللا تعليلا سليما وما بالوسيلة على غير أساس.
لهــذه الأسبــــــاب
قضى المجلس الأعلى برفض الطلب.
Retour